خريجات رياض الأطفال- حق التعليم المبكر وتجاهل التوظيف

المؤلف: عقل العقل09.23.2025
خريجات رياض الأطفال- حق التعليم المبكر وتجاهل التوظيف

تتوالى المطالبات المتكررة من قبل خريجات رياض الأطفال، اللاتي يتطلعن إلى الحصول على فرص وظيفية مرموقة في مجال تعليم الأطفال، هذا المجال الحيوي الذي يشكل أساس بناء مستقبل أجيالنا. إلا أنه ومما يثير الأسف، عمدت وزارة التعليم منذ سنوات طوال إلى استبعاد هذا التخصص تحديدًا من قوائم الوظائف التعليمية الشاغرة المعلن عنها، الأمر الذي أثار موجة عارمة من الإحباط وخيبة الأمل في نفوس هؤلاء الخريجات المتفوقات، اللاتي يمتلكن شغفًا حقيقيًا بتعليم الأطفال ورعايتهم في مراحل الطفولة المبكرة، وهي المراحل الأكثر أهمية في تكوين شخصية الطفل وبناء قدراته. ومن المنطقي والطبيعي أن تُسند هذه المسؤولية الجسيمة إلى الأشخاص المؤهلين والمتخصصين الذين أفنوا زهرة شبابهم في دراسة هذا المجال، وليس إلى أولئك الذين يبحثون عن وظيفة مريحة أو الذين يحملون شهادات لا صلة لها بهذا الميدان التربوي الهام، فتعليم الصغار في هذه المرحلة العمرية الحرجة يتطلب أفرادًا مؤمنين بأهمية هذه الرسالة النبيلة، ويحملون شهادات متخصصة وخبرة عملية وتدريبًا مكثفًا في أساليب تعليم الصغار الحديثة. ولا يمكن لوزارة التعليم أن تجد مبررًا لاستمرار هذا الإقصاء غير المبرر لتخصص رياض الأطفال من إعلاناتها الوظيفية الدورية منذ سنوات مديدة، مما أفضى إلى حالة من الاستياء العارم وخيبة الأمل المتراكمة لدى خريجي وخريجات هذا التخصص تحديدًا. والجدير بالذكر أن مجلس الشورى الموقر كان قد أصدر في عام ٢٠٢١ توصية واضحة وصريحة لوزارة التعليم بضرورة توظيف خريجات هذا التخصص الحيوي، إلا أن الوضع الراهن لا يزال على حاله دون تغيير يذكر، على الرغم من أن رؤية المملكة الطموحة لعام ٢٠٣٠ تؤكد بجلاء على الحق في التعليم المنصف والمتكافئ للجميع، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة، والعمل الدؤوب على رفع نسبة التحاق الأطفال ببرامج رياض الأطفال من ١٧٪؜ إلى ٩٠٪؜ بحلول عام ٢٠٣٠. ولا شك أن هذه البرامج التعليمية الهامة، التي تهدف إلى بناء الإنسان منذ نعومة أظفاره، تحتاج إلى كوادر وطنية مؤهلة ومتخصصة، وليس مجرد أشخاص من تخصصات أخرى يتم إسناد المهمة إليهم وكأن المسألة مجرد سد نقص شكلي. فالتعامل مع الأطفال يتطلب فهمًا عميقًا للأبعاد التربوية والتعليمية الخاصة بهذه المرحلة العمرية، وهو ما يستلزم وجود متخصصين في هذا المجال تحديدًا، حتى نتمكن من تحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه البرامج التعليمية على المدى الطويل. ويشهد قطاع رياض الأطفال والتعليم المبكر في المملكة العربية السعودية تطورًا ملحوظًا، حيث يوجد الآن الآلاف من المدارس التي تضم أكثر من ٤٠٠ ألف طالب وطالبة في مختلف مناطق المملكة، مما يثير تساؤلاً ملحًا: أين هو الدور المنوط بخريجات رياض الأطفال في هذا المشروع التعليمي الوطني الطموح، الذي من المتوقع أن يشهد إقبالًا متزايدًا في المستقبل القريب، سواء في قطاع التعليم الحكومي أو الخاص؟ فالمدارس الخاصة تحديدًا أصبحت منتشرة على نطاق واسع في معظم مدن المملكة، نظرًا لارتفاع مستوى الوعي لدى الأسر بأهمية إلحاق أطفالهم بهذه المدارس في سن مبكرة، وقد تصبح هذه المرحلة التعليمية إلزامية في المستقبل القريب، وهو ما يستدعي توفير كوادر وطنية مؤهلة من خريجي تخصص رياض الأطفال وإشراكهم الفعلي في هذه المجالات. وقد نشهد في المقابل عزوفًا متزايدًا عن دراسة هذه التخصصات الهامة، إذا استمر الوضع على ما هو عليه من عدم توظيف خريجات رياض الأطفال في مدارس ومراكز التعليم والطفولة المبكرة. لقد حظي قطاع التعليم في المملكة العربية السعودية، منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا، باهتمام بالغ وأولوية قصوى من الدولة -حفظها الله- في جميع المراحل التعليمية وبرامج الابتعاث المتنوعة. وفي هذا العهد الزاهر لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- يحظى قطاع التعليم المبكر باهتمام مضاعف وأهمية بالغة من حيث النوعية والكيف، والتوسع المستمر في إلحاق الأطفال بمدارس رياض الأطفال. ومن هذا المنطلق، نؤكد على ضرورة إسناد مسؤولية تعليم الصغار إلى المتخصصين والمتخصصات في هذا المجال الحيوي، فالمرأة على وجه الخصوص قد تكون الأقدر على التعامل مع الأطفال وفهم عقولهم واحتياجاتهم النفسية والشخصية أكثر من غيرها، وإعطاء خريجات رياض الأطفال الفرصة الكاملة لقيادة هذا المشروع التعليمي الطموح هو من أهم العوامل التي ستساهم في تحقيق الفوائد المرجوة منه بإذن الله.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة